هنا تأتي صفعات الحياة وأي صفعة هذه حيث تبدأ بكلمات......
أنا هنا اين انتي أنا هنا أنا هنا أنا هنا أنا هنا
مع ضحكاااات بريئة كبراءة الأطفال ..و قساوة مجتمع لا يعرف الرأفة حتى مع الحيوان .. من ضجيج هذه الكلمات التي ربما لكثرة تكررها قد أزعجتكم .. عاش رامي مع هذه الأصوات ما تبقى من حياته التي دفن فيها وهو حي كانت كالظل الذي لا يفارقه. .من صدى لها يتجول معه أين ما تخطو خطوته لم يمل من قولها ولن يفقه على ما يقول ...ولكثرة ترددها في لسانه تلقى بسببها أشد أنواع الأسى أين ما ذهب وأين ما رحل .هناك من قام برمي الأحجار عليه حتى وإن أصابه حتى وإن شاهدوا الدماء تسيل منه لا يكترثون له وهناك من بصق في وجهه لشدة غضبه منه وهناك من أوقع به أرضاً ورغم كل هذا الأسى والمعاناة يبتسم لهم متناسياً أوجاعه في ذلك ..أنا هنا أنا هنا... ضج رامي بهذه الكلمات بعدما فقد حبيبته التي أحبها عمراً كاملاً من عمره
كان رامي طبيباً في كلية الطب دخل إليها بعد معاناة دراسية لتحقيق طموحة في أن يصبح طبيبا مشهوراً ..ولشدة ذكائه كان يلقب بالعبقري. ..وخلال مسيرته الدراسية في الجامعة وقعت شباكه في حب فتاة يعجز اللسان عن جمال حسنها هكذا تكلم رامي عنها ... قال إنها حسناء يعجز اللسان عن جمال حسنها ...كان يحبها حباً فاق الحدود ليصل الى السماء بدعوات أمل أن يُجمع
بينهم في المستقبل القريب ضجت أصوات حبهم في أرجاء الكلية من أحاديث غزل كُتبت على جذوع النخيل وذكريات خطت على الجدران مع أمنيات الجميع لهم السعادة ...وهكذا مرت ستة سنوات على خطواتهم الثنائية لم يفترقوا فيها يوماً واحداً.. والآن حان وقت التخرج من الكلية ليطلق عليهم آنذاك أطباء الحب في الكلية
قرر رامي التقدم لخطبه حبيبته لمى بعد أن أتفق الأثنان على كل شيء وأن الأوضاع كانت على ما يرام ..قصد رامي بيت لمى الذي كان في مدينة أخرى
إذا أن لمى حبيبته تنحدر من صنف عشائري معروف آنذاك ....رغم البعد قصد بيتها بقلب تزداد نبضاته كلما تقدم خطوة نحو المنزل والعرق يصب من جبينه .... رغم كونه طبيباً وليس هناك من معترض على هكذا شخصيه كان دائماً يقول لها .. ما هو ردك عندما أتقدم لخطبتك ؟؟؟ فتبتسم قائلة بقول نعم أنا موافقة ومن لي غيره...
هاهو رامي يخطو خطوته حاملاً قلبه لحبيبته ...التقى الجميع بدأ رامي في التكلم مع والد لمى بقول أطلب مني ما شئت سبيلاً أن تكون لمى معي....
في هذه اللحظة وبعد هذه الكلمات كان الصمت يطوف في أرجاء المكان ...
ثم ضجيج بعدها كأن المكان حينها قد دمر بزلزال
عندما قال والد لمى لا لا أستطيع ان أعطي لك أبنتي أنها قد خطبت لأبن عمها حسب تقاليد عشائرنا ..
صدم رامي صدمة وأستمر بقول لماذا أنا احبها لايمكن هذا وآثار غضبه الفوضى في المكان بعدها طلب منه أن يغادر المكان كي لا يصيبه شيئاً أسرع رامي والغضب يثور شراراً في عينيه وعند خروجه شاهد لمى والدموع تذرف من عينيها هرع مسرعاً الي سيارته بقول يتمتم به تارة لا تبكي حبيبتي أنا هنا أنا هنا ويخاطب نفسه تارة كيف ولماذا ستة سنوات من عمري ذهبت في لمح البصر لولا الشرع والعقائد فأنها زوجتي منذ هذه سنوات ... الغضب تملك رامي أثناء قيادة السيارة كأنه البرق بسرعته تاركاً خلفه حبات الرمال المتناثرة يعج بها المكان ولبرهة وفي لحظة غضب !! شرد رامي بفكره قليلاً
في ما حصل ليعود ذهنه بأصطدام سيارته متقلباً بها... سقط رامي منها أرضاً مغشياً عليه هرع الجميع إليه وقاموا بنقل رامي إلى المستشفى
مصاباً في رأسه أصابه بليغة تسببت له بفقدان ذاكرته وفقدان قواه العقلية ليصبح ملقباً المجنون رامي بدل من الطبيب رامي ...اي ظلماً هذا ولماذا بسبب قول جهل فقدت حياة شخصين هل هذا هوة العدل في الحياة ...ها هو رامي يتجول الآن في مختلف أرجاء البلدة بأصوات كأنها معزوفات لديه أنا هنا أنا هنا حبيبتي أين أنتي.... تركه أهله بسبب عدم قدرتهم على الإهتمام به أصبح الشارع مآوى له رفيقاً للقطط السائبة طعاماً للكلاب النابحة ورغم الأذى الذي وقع به مازال يتعرض للأذى من الذين يسكنون كوكبنا الذين يفتقرون إلى الرحمة في قلوبهم والرأفة..
"مجتمع لا يصلح حتى للمجنون العيش فيه" .