خفايا القدر



أطلت الشمس بأشعتها البراقة لتهب النور و الضياء في غرفة قدر، اسمها قدر الإسم الذي اختارته لها جدتها لأن حياتها علامة استفهام و القدر خبأ لها الكثير ،ولدت في قرية صغيرة متواضعة رائحة الورود تفوح في أرجائها بين أحضان أمها و جدتها الحنون فاطمة و لطالما كانت البنت المحبوبة المدللة ،استيقظت على أصوات تتعالى من بيت جارها و حبيبها الوسيم عمر الذي يكبرها بسنتين ،نسيت أن أخبركم كان عمر قدر أنداك أربعة و عشرون ربيعا تدرس آخر سنة لها في إختصاص الطب ،أحثت حطاها مسرعة إلى بيتهم آه كلمة ألف مبروك تعم أرجاء المنزل ،قدر قدر أخي عمر قُبِل في أكبر شركة تجارية في المدينة تقول رجاء ،رجاء أخت عمر و صديقة قدر المقربة و همزة وصل بين عمر و الجميلة قدر لاسيما كانت قدر تَدّعي الذهاب عند رجاء لمواعدة أخاها. أصبح عمر عضوا في الشركة و لديه مكتب خاص الحلم أصبح حقيقة ،أمل زميلته في العمل أربعينية فاتها قطار الزواج و أصبح اقتصاص تذكرة العبور فيه أمر عسيرا جدا و التي اتضح أنها ابنة أخت صاحب الشركة و وريثته الوحيدة فالسيد منير متزوج و ليس لديه أولاد،علاقة عمر و قدر بدأت تتلاشى فقد أهملها كثيرا كيف لا و كلما طلبت منه موعدا تحجج بتراكم العمل عليه ،إلى أن أتى اليوم الذي أطفأ شمعة الحياة في قلبها،خمسة و عشرون يونيو تاريخٌ تنتظره قدر كل سنة، اليوم الذي أخد عمر فيه أول أنفاسه،اليوم الذي يكبر فيه عمر عاما جديد و تكبر فيه قدر عقد آخر من الفرح .جهزت كل شيء و ذهبت لمفاجأته في مكان عمله خوفا من حجته المعتادة "لدي عمل كثير" ،ظهر رفقة فتاة يناديها حبيبتي إنها السيدة أمل ،الانكسار سيد المشهد في تلك اللحظة كُسِرت قِنينة آمال المسكينة قدر،تلاعب الطمع بعقل الفتى عمر، تلقت قدر صدمة نفسية أدخلتها في دوّامة مرضية حياتها أصبحت محصورة بين أربع جدران ،خذلها الذي كانت تظن أن الحياة معه ستكون أجمل،خذلها الذي ظلّت تنتظر رسالة منه مع كل إشراقة صباحية.شهور تخَطّت من عمر قدر حين في تراخي و حين في تعجّل متشابهة و مملة إلى أن أتى اليوم الذي غير حياتها،اشفقت الخالة ملك أم قدر على ابنتها التعيسة و أرادت إخراجها من عالمها الكئيب ،ركبتا الحافلة متّجهين إلى المدينة ربما للتّنزه أو أظن للتّسوق انتهى الطريق ضجيج المدينة الصاخب يملأ الآذان و هناك حدث ما لم يكن بالحسبان،صوت رجل ينادي ملك ملك أين ذهبتي كل هذه السنوات بحثت عنك مِرارا لكنك كنتِ كالإبرة في كومة قش شريط ذكرياتي الماضي يمرّ بعقل الخالة،ذلك السيد يسأل أخبروني أنه عند ذهابي لأمريكا بأسابيع أنك غادرتي المنزل حامل منّي هل إبني حي! ، ملأت الدموع وجنتي الخالة و قالت ابنتك اليوم صارت شابة جاهزة لاستقبال الحياة و زهورها هاهي تقف امامك الآن وهناك كانت الصدمة أسئلة قدر المتواصلة تُفضح أجوبتها عرفت من يكون والدها،هذا الرجل هو ابن صاحب المنزل الذي كانت تعمل فيه ملك و امها و قد عاشت معه قصة حب ثمرته قدر .اليوم قدر طبيبة و ابنة أغنى رجال الأعمال في المدينة انها ابنة السيد منير صاحب الشركة التي يعمل فيها عمر يالها من صدفة،قدر تجهز لمراسيم زفافها ستُزفّ لزميلها أو أظن أعلى مرتبة منها فشكله و طريقة كلامه تُوحي ذلك،أمّا عمر انفصل عن أمل فهو لم يحبها بل أحبّ مالها،هذه نهاية كل طمّاعٍ جشِع
| بقلم : جامع هدايات من الجزائر، حاصلة على شهادة تقديرية على مشاركتها الوازنة في مسابقات مجلة شغف، صنف : القصة القصيرة.

تعليقات