وبالوالدين إحساناً



منذ سنوات الطفولة لي أب أعز عليه ، لا يترك في خاطري طلبا دون تلبية ، رغم قساوة معيشتنا و قلة مدخوله لكن أولاده أولى إهتماماته ، وصلت سن التمدرس أصبح لديا صديقات من الحي أذهب معهم للمدرسة.
كان أبي يعمل سائق أجرة ينهض كل صباح و لا يعود إلا بحلول الظلام ، و إعتدنا على ذلك .
و بحلول فصل الشتاء تهاطلت الأمطار و إمتدت لفترة طويلة ، لم يسبق لها ذلك و في يوم من الأيام إنه يوم الأربعاء المشؤوم.
كالعادة أعدت لنا أمي طعام العشاء إنتظرنا أبي حتى جاء من العمل .
الباب يطرق ؛ أمي إنهضي يا مريم أبوك آتى .
فتحت الباب قبلت جبين أبي أهلا و سهلا بيك يا أبي.
قال : كيف حال إبنتي اليوم مع المدرسة.
قلت : في أحسن حال.
جلب معه بعض الخضروات و الفواكه و لم ينسى الحلوى لي و أخي زكريا.
حملت عليه الكيس أخذته للمطبخ فرحت أمي بذلك و دعته لمائدة.
قال : إنتظرا لحظة أغتسل!!
إجتمعنا حول المائدة في جو من الضحك و الحكايات ما إن إنتهيا حتى نسمع تيار قوي من الماء يضرب حائط المنزل لم نفهم ما هذا نهضنا مسرعيين للشارع صعدنا إلى جبل كان بالجوار فإذا بفيضانات تضرب الحي كامل دمرت منازل البعض لكن منزلنا للأسف!! دمر بالكامل لأنه منزل هش.
بقينا ننظر من بعد و الأمطار تتهاطل بكثرة لم يسعنا فعل أمر.
الناس في حيرة و خوف هلع بكاء في كل مكان لم نستفق بعد من الصدمة.
بعد مرور ثلاث ساعات من الكارثة لم يتبقى سوى بقايا الفيضان صخور و أتربة. الكل لجأ لمنازله ينظفه لكن نحن لم يبقى لنا شئ يا حسرتي ماذا نفعل!!.
ها نحن نبيت ف الشارع دون مأوى لليوم الثاني لا أحد يلتفت لنا لا نملك مال لنعيد ترميم البيت من جديد ، لم يتبقى لنا سوى سيارة الأجرة أبي في حيرة من أمره ؟؟
قال لأمي سوف أذهب لبيع السيارة لنعيد بناء المنزل من جديد ليس لدينا خيار ثانٍ.
لم ترحب أمي بفكرته لأن السيارة مصدر رزقنا الوحيد.
قمنا بتغطية البيت بالخشب و إستمرت معانتنا.
في يوم من الأيام خرجت من المدرسة و لم أنتبه لأبي كان واقف هناك ينتظرني و كان صديقاتي في المدرسة يسخرون مني و من وضع منزلنا الذي بات في العراء لم أكن أبالي بكلامهم.
لكن أبي سمع ذلك و ذهب دون أخذي معه حزنت كثيرا لما سمع أبي بسخرية صديقاتي و أقراني من الصف.
ذهبت للبيت أخبرت أمي بذلك قلقت كثيرا لذلك.
قلت لها يا أمي هدئي من روعك ليس هناك أمرا يقلق في الأمر سوف أدرس و أكبر و أعمل و أرمم بيتنا لا تحزني جميلتي... أمي كانت دموعها تتهاطل خوفا عليا و على نفسيتي من ضحك صديقاتي.
أخي الصغير ينظر إلينا فقط لم يفهم على ماذا نتكلم.
أنا كنت صبورة جدا و ذا رغبة في التعلم و الدراسة و على يقين بالنجاحي لم يأثر فيا كلام الأستهزاء و الإستهتار الذي أتعرض إليه.
في الليل إنتظرنا أبي يعود تأخر قليلا على موعده قلقت أمي.
فإذا بأبي يدخل علينا..
صرخت أمي أين السيارة يا " خالد " نظر إليا .
قائلا :لقد بعتها لنشتري بيتا جديدا و تدرس إبنتي بكل سلام بدون ضحك صديقاتها دمعت عينايا لذلك .و تمنيت لو أنا أبي لم يسمع ذلك و لم يقم ببيع مصدر رزقه الوحيد.
مرت الأيام و الأعوام كبرت و تخرجت من الجامعة و بقيت الحادثة في ذاكرتي ربما هيا التي دفعتني للنجاح و التحمس و الإنتظار بالفارغ الصبر انهاء دراستي.
و انا في طريقي راجعة إلى البيت .
إلتقيت بزميلة لي إسمها " ياسمين " لم إلتقيها منذ حادثة الفيصان لأنهم غيرو عنوان إقامتهم.
أخبرتني أنا شركة خاصة تبحث عن عمال لتوظيفهم فرحت كثيرا لذلك.
أعطتني العنوان الخاص بالشركة ذهبت في صباح اليوم الثاني للشركة إستقبلت من طرف المدير قام بطرح
الأسئلة عليا خاصة بمجال تخصصي.
قال لي أتركي لي رقم هاتف قمت بذلك.
و إنصرفت.....
ما إن لحقت البيت هاتفي يرن من رقم لا أعرفه ، أجبت ألو ؟؟من معي؟؟ صوت يقولو لي هل معي الآنسة مريم ؟؟
لقد تم قبول توظيفك في الشركة غدا صباحا تبدأي العمل.
كدت أطير من الفرحة أسرعت للمنزل خبرت أمي أخي أبي. فرحتهم فاقت الخيال...
الحمدلله على هذه النعمة و أنا كل أمل في إرجاع خير أبي و تعبه و سهره على توفير معيشة أفصل لنا.
مرت الشهور و أنا أكنز الاموال من راتبي ، إلى أن وصل مبلغ مالي يستطيع شراء سيارة آه سعدت بذلك و كان عيد ميلاد أبي على الأبواب يالها من صدفة رائعة.
إتفقت مع موظف في الشركة التي أعمل فيها ، بأن يدلني على سيارات أجرة مثل التي باعها أبي لما كنت صغيرة إتصل بالصديق له ذهبت إليه لديه سيارة تشبه سيارة أبي يالكثير.
كانت أمي تعلم بذلك.
أتذكر يوم السبت عيد ميلاد أبي الخمسون قلت لأمي : سوف نعمل حفلة عيد ميلاد لأبي دون علمه حضرنا كل المستلزمات
قمت بالشراء السيارة و دعوت بعض أصدقاء أبي و موظفين زملاء لي من الشركة و صديقتي لم أنساها هيا من كانت سبب في وصولي لهذه المرحلة.
أبي رجع للبيت كانت المفاجأة عيد ميلاده مع الأصدقاء و الأحبة قطعنا قالب الحلوى مع بعض كل يعطي هديته لأبي.
إلا أنا قمت بعصم عينيه بالقطعة قماش و أمسكت يده و مشيت بيه للخارج أين توجد السيارة هديتي لأبي العزيز.
نزعت قطعة القماش على عينيه.
قلت له : هذه هديتي يا أبي شكرا لك لقد بعت سيارتك لتأوينا و الأن أرد لك جميلك ، بكى من شدة الفرح و عانقني لم يصدق عينيه ماذا يرى.
قال : يا بنتي أنتي هديتي حفظك الله لي و لأمك.
حفظ الله أب ربى أولاده على الأخلاق فالبرو بيه عند كبره.
| بقلم : رحماني أنوار من الجزائر، حاصلة على شهادة تقديرية في مشاركتها المميزة في مسابقات مجلة شغف، صنف القصة القصيرة.

تعليقات