صانعة الأمل

 


لطالما عرفني الجميع أنني قاسية ولا أتأثر بسهولة فقلبي أصبح صلبا كالحجر. لاأتذكر أنني يوما طلبت أن أصبح هكذا،لكن الحياة كان لها رأي آخر، فهي لم تساندني أبدا.
مررت بأيام لم أتمناها ولن أتمناها لأي شخص أي كان.
إلى أن أتى يوم تغير فيه كل شيئ، حتى أنا استغربت كيف تغيرت بدون أي سابق إنذار.
في إحدى الليالي الممطرة،خرجت لأمشي قليلا وسط الشارع الذي غالبا مايكون فارغا في ذلك الوقت و بالأخص عندما يكون الجو باردا ممطرا، لاأعلم! لمذا البشر يفضلون الدخول إلى منازلهم بدلا من أن يستمتعوا بهذا الهدوء و الصمت المذهل؟في نهاية المطاف هذا أمر لايهمني يكفيني أن أشعر أنا بالراحة النفسية.
بدأت أسير متأملة في الشجر بأغصانه و أوراقه إلى أن لمحت عيناي رجلا عجوزا ذا لحية طويلة بيضاء، كان يتكلم رميت عيناي هنا وهناك كي أرى مع من يتكلم هذا العجوز؟ لم أرى اي أحد. تسللت نحوه كي أسمع مايقوله رغم أن التجسس ليس من عادتي، فكانت المفاجأة أن هذا العجوز لايتحدث بمفرده، كان يتكلم مع من هم أفضل من البشر. رأيته بأم عيناي يتكلم مع السماء و الغيوم السوداء!قد يكون هذا الرجل اعتزل البشر بأكمله و وجد سعادته مع الجماد؟ حقا هذا مؤثر عندما قررت الذهاب سمعت قوله "لست حزين" نعم لست حزين بمجرد أنني وحيد، لقد اعتدت على تبادل الكلام مع السماء و القمر و النجوم و الغيوم، عبارات تأثرت بها. لكن للأسف لن تتساوى أبدا مع همومي.
لقد رآني هذا الرجل العجوز و هو قادم بالتجاهي!
مرحبا
مرحبا
اجلسي يابنيتي، أنظري إلى السماء هاقد بدأ السواد يزول منها كما بإمكان الألم أن يزول هكذا و بهذه السرعة، لقد رأيتك منذ البداية، أتعلمين ياابنتي لازلت صغيرة يجب أن تستمتعي بالحياة.
ماذا أستمتع بالحياة هل تتكلم بجد أم أنك تمزح معي؟ في اللحظة الذي أردت أن أتقدم فيها إلى الأمام و جدت العالم ضدي. لمذا؟ مذا فعلت أنا في هذا العالم؟ماهو ذنبي؟
لاأعرف ماالذي مررت به من ألام لكنني أفهمك و أشعر بك. هاأنا رجل عجوز أجلس أمامك ولاأعرف كم بقي لي من السنوات أو الشهور أو الأيام أو حتى الثواني، لكنني أعيش حياة سعيدة مع أشياء تغطيها البساطة. تحرري من حقدك على هذا العالم عيشي حياة لا يسودها شيئ اسمه اليأس، مازالت الطريق طويلة ولم تقطعي إلا خطوات قليلة، لو علمت ماهو الحزن الحقيقي لما تكلمت هكذا. لذلك أتمنى لك عمرا بلا قيود، كانت هذه آخر عبارة يقولها ثم اختفى فجأة كالسراب!
حقيقة لقد كان سرابا لاغير، فأنا من تخيله أردت الحديث مع من يرجعني إلى صوابي، فصنعت هذه الشخصية الحكيمة ، فتغيرت إلى درجة كبيرة ، ربما لأنني اقتنعت بكلام هذا العجوز الذي هو أنا. منذ ذلك الحين و أنا أعيش حرة بلا قيود.

| بقلم : فاطمة الزهراء مومن من المغرب، حائزة على شهادة تقديرية لمشاركتها المميزة في فعاليات مسابقات مجلة شغف، صنف : القصة القصيرة.
تعليقات