مجانين لكن ظرفاء



كانت الساعة تشير الى منتصف الليل حين نزل من السيارة رجل في منتصف العمر أنيقا ببذلة راقية  وحذاء باهض الثمن يمشي مثقول الخطوات حزينا مطأطئا رأسه وكأنّه يحمل على عاتقه هموم الدنيا وأحزان الحياة. اتّجه مباشرة نحو محطة القطار عاقدا العزم على تحقيق رغبته في الانتحار

كان يعلم جيّدا أنّ موعد وصول القطار بعد نصف ساعة وفي مثل هذا الوقت تكون قاعة الإنتظار فارغة تكاد تخلو من المسافرين مما يجعله واثقا تماما من تحقيق أمله دون مواجهات او معارضة ودون تدخل من البشرية الحمقاء والجموع من المنافقين بوجوههم المقنّعة وآرائهم التافهة التي تحجب الحقائق خلف ستائر شفافة مرتّقة ردد في صمت :

ـ "ماهي الا دقائق معدودة وأتحرر من عالم  اللامبالاة من عالم يتربع فيه اللاشئ على كل شئ. إذ لم يعد لي في هذا المكان لا وظيفة ولا دور انتهى الأمر واّتضحت الرؤيا . بالأمس تخلّى الجميع عني امّا الليلة فسأتخلّى أنا عنهم وعن دنياهم الزائفة . هنا ستكون النهاية والبداية " تقدم بالخطوات صوب سكة الحديد  محاولا تفحص المكان وسلامة السكة يترقب نور القطار الساطع من بعيد   وأنّ لا أحد بالجوار لا منظّفون و لاحتى الحراس التفت ذات اليمين فلم يلمح أحدا وكذلك ذات الشمال   فدنا من السكة خطوتين حتي صار على حافة الرصيف  استقام في وقفته وتنفس بعمق شديد وأغمض عينيه مطلقا العنان الى احساسه المرهف حيث يخبره عقله الباطن بأنّ هنالك حياة جيّدة  بانتظاره وأناس طالما  أراد الرحيل معهم وفجأة  قطع صوت امراة كهلة صمت  الليل الرهيب وقطع  معه صوت أفكاره المسترسل قائلة :

ــــ" لا تخشى شيئا  فقط  افعلها  ..أو ابتعد فأنا على عجلة من أمري وأكثر اصرارا  منك على الرحيل

التفت  وراءه حيث مصدر الصوت  فلمح سّيدة ثلاثينية بيضاء البشرة بعينين واسعتين جميلة الطلّة يلفّ جسدها حجاب باللّون البنيّ  تضع على كتفها شالا رماديّ تعلو محياها ابتسامة ساخرة كانت تظراتها كلها  حزن ويأس جلست فوق المقعد الخشبي المخصص للمسافرين  جلسة المستعجل وأردفت قائلة :

ـــ" سيّدي المحترم   أتعجب لم  قد يرغب أمثالك في الإنتحار؟ و قد ضحكت لهم الدنيا بملء فاهها ووهبتهم  أرقى سبل العيش فطابت لهم الأمانى ونالوا المعالى وما زالوا يزاحموننا حتى الموت"

وفيما وقفت متجّهة نحوه  وكأنّها تريد تفسيرا لموقفه هذا وسببا وجيها لقدومه على الانتحار خاطبها قائلا :

ــ" لن أستغرب قولك هذا لطالما كنتم ومازلتم تنظرون الى أصحاب الثراء والمعالي نظرة أحادية  مشككة نظرة حقد كلها سلبية أولسنا بشرا نشعر فنتألم فنحزن؟  ومتى كانت السعادة تشترى بالمال وبالنفوذ؟وما نحن فيه  الا تضحيات منّا  لأجلكم ومن أجل بلادكم"

قاطعته قائلة بعدما وقفت أمامة مباشرة: "صدقا كلكم ترددون نفس التعابير المملة الواهية والرتيبة  فلو معي المال والنفوذ ما تخليت عن وحيدي ولاشتريت له الصحّة والبصر وجعلته سيّد قومه ينطق باللسان ويحرك قدماه ويرتاد أفضل المدارس ويرتدي أثمن الأقمشة لكن حظّي خذلني فلو كان لديّ نفوذ لخفّ عبئي وهانت مأساتي لكن للصبر حدود"يا سيد منتصر علّام" "السياسي المشهور

ـــ" اذن عرفتي من أكون جيّد حتى آخر لحظاتي محطّ اهتمام وأنظار الجميع  أتمنّي لو أحيا  حياة عادية مثلكم

ــــ "ربما في الآخرة

ــــ هل لي بشرف معرفة اسمك سّيدتي

ــ "أنا السيدة صابرين قاسم " ممرضة

كانت الساعة الجدارية الكبيرة في المحطة تشير الى  منتصف الليل و عشر دقائق وفي غفلة منهم ودون سابق انذار او حذر قذفت لهم الأقدار فتاة شابة في مقتبل  العمرذات شعر كثير الالوان  مجنون قد اطلقته للريح ترتدي بنطالا ازرق ضيق   مزقت ركبتاه  وسترة من الجلد سوداء اللون كانت على رصيف المحطة تجري مندفعة نحو سكة القطار وهي تصرخ وتردد " ابتعدوا   اتركوني " عبارات تبعث التساؤل والحيرة سرعان ما تلقفها  السيد "منتصر" بيديه ثم أحاطتها السيدة "صابرين بذراعيها وشدّت عليها بقوة حيث كان التملص من حضنها صعب فيما كانت الشابة تحاول التحرر  نحو القطار أخفت الدموع ملامح وجهها الحقيقي فسالت على خديها  ألوانا من الأنهار كلوحة زيتية أهلكت تقاسيمها  الأمطار

هدّؤوا من روعها قليلا ضحك السيّد منتصر ثم قال

"ــ هذا ما ينقصني الآن جئت للخلاص فصار الكل يبحث عن خلاصه انّها ليلة مجنونة كهذه الفتاة يالا سخرية الأقدار

صرخت بوجهه صابرين وهي تقول

ــ" ألا  تملك قلبا رحيما  ألم تكن يوما أبا  يحنو على أطفاله رفقا أيها السياسي المتكبر لم تفكر دائما في نفسك وأغراضك؟

قهقه السيّد منتصر أكثر وقال حسنا سوف اتنازل عن مقعدي الاول في الانتحار لصالح هذه الشابة فللشباب الاولوية والمبادرة ثم انّي الآن غير مستعجل  فلا أحد يهتم لأمري  فلا أهل لي  فقد حرمتني الدنيا من زينتها   المحببة لقلبي

ثم صمت في تأمّل

أخذت صابرين يدها الناعمة وبرفق رفعت رأس الشابة وسألتها عن اسمها وسبب قدومها للمحطة في هذا الوقت المتأخر من الليل وهل من شخص معها؟

قالت الشابة بعد ان هدأت أدعى

ـــ "ايفاء سالم" أدرس بكلية الفنون الجميلة   كنت على موعد لألتقي  بخطيبي هذا المساء على العشاء في مطعم مشهور لكّنه تأخّر عنّي فارتأيت أن أستقل سيارة أجرة للمطعم وأنتظره هناك وحينما دخلت  القاعة وجدته غارقا في الضحكات والنكات مع سيّدة راقية تكبره بسنوات تقدمت منه وقد أزحت كل الشكوك عن مخيلتي وكان ذهني صاف من الشوائب تجاهه  تقدمت وخاطبته يا حبيبي لم تركتني أنتظرك وسط الظلام والبرد اللاذع وأنت هنا أقلّها تخبرني انّك لن تصطحبني".  رفع نظره اليّ بتملق وازدراء ورمقني بنظرة اشمئزاز وكأنّه يراني أول مرّة  وقال

..قلبي لا يتسع لامرأتين  وخاصة لطفلة متبرجة كعروس الدمى ما تزال مراهقة تدرس  انت لاتناسبيني  ولن تناسبيني يوما ولست بخطيبك منذ اللحظة. توسلت اليه أن يتريث قليلا  فلا يحكم على الناس بالمظاهر فلا ثيابي وتبرجي دليل تهور ولا تلك السيدة بمظهرها الراقي واسلوبها البرجوازي بمتطوره لكنّه رفضني بشّدة ونسي كل ذكرياتنا وأمانينا وأحلامنا  وطردني من المطعم كخادمة "

ربتت صابرين على كتفها وضمّتها لصدرها وقالت :

"ــ مازلت شابة  وستمكنك الحياة من فرص أخري أثمن وأبقى... فالحياة لا تقف على خائن او مريض او متكبر لا تيأسي  جففي دموعك واملئي قلبك بالايمان وفكري في الجانب المشرق للحياة"

ابتعدت ايفاء عن السيدة صابرين وقالت :

ــ" لكن من أنت ؟ وهل أنت مسافرة سيّدتي ؟كانت تردد أسئلتها وهي تمسح الدموع من أحداقها

أجاب منتصر بيك

" هي ضحية مثلك غير انّها تهدى النصائح ولا تعمل بها

اغتاضت صابرين من قوله فرددت

" سّيدي امثالك يدفعوننا للانتحار لكن صدقا لو كنت ستنتحر أولا فلا مجال لي للانتحار بعدك فالحياة بدونكم أنظف."

التفتت ايفاء للرجل بعد أن نسيت أمره للحظات وقالت :

ــ"السيد منتصر علاّم الرجل السياسي واو كنت اتمنى أن أراك حقيقة لكّنها كانت أمنية مستحيلة وها أنا الآن التقيك"

قالت صابرين ضاحكة :

" أطمئني عزيزتي كلنا سنلتقي في الجحيم"

رفع السيد منتصر بصره للساعة حتي يطمئن على قدوم القطار فهو ما يزال في قراراته مصرا على ارتكاب هذه الخطيئة والجريمة. كانت الساعة تشير الى منتصف الليل وخمسة وعشرين دقيقة مما يعني انا الوقت يداهمهم فماتزال بعد خمس دقائق ردد  منتصر قائلا

ــ " هيا  يا جماعة من منكم مازال يريد الانتحار فليتقدم أمّا المتردّد فليغادرنا بسلام باقي من الزمن خمس دقائق "

سمع من بعيد وقع اقدام متجها صوبه بصوت عال يردد

ـــ "أنا هنا انتظروني  وهل يوجد مهرجان بدوني"

كان شابا طويل القامة معتدل المشية وسيما توحى طلّته بنضوجه الفكري ومستواه الثقافي  يمشي الهوينا كأنّه آس يجس عليلا ثم أكمل كلامه

ـــ" سئمت تكاليف الحياة ومن يعش في هذه الدنيا الخادعة. فكم من جاهل في الثريا وكم من عالم متخفّي. لم تشفق الحياة يوما لحالي تهت خلف  السراب راكضا وتعبت أقلامي فجفّ حبرها من كثرة التمني وأرهقت نفسي من كثرة الانتظار فلو كان في العمر  من مزيد  لن أهدره في الركض خلف وعود كاذبة وأناس مقنّعون يتعبدون في محراب النقود  وأخرون متسلّقون يجيدون الصعود على عاتق غيرهم الآن سأضع حدا لهذه المهازل    "

ـــ خاطبه السيد "منتصر علّام" بنظرة تعجب

ــ"قد يحقّ لي الانتحار فأنا رجل على مشارف الستين وقد تملك بي اليأس حد النخاع وللآن الحياة وهبتني  ما تريد من أنواع البذخ والترف والأمنيات والاصدقاء بالمقابل حرمتني من أغلا معاني الدفئ العائلي وفي لمح البصر ضاع كل شئ وتلاشى خلف خيالات الصداقة وأوهام السيادة أما عن السيدة" صابرين قاسم" فلها كل الحق في مغادرة هذه الحياة لعلها تجد السلام والراحة في بقاع  اخرى وتلك الشابة المتعجرفة المنتمقة" ايفاء سالم" ليس لها مكان هنا بين الخونة وعديمى الاحساس أما ّعنك فانّي لمتعجب  لأمرك كيف لك أن تقدم على مثل هذا الصنيع؟ وأنت الشاب اليافع القويّ المثقف الهادئ الطباع الواسع الحيلة وطويل البال  هل لك من تفسير ؟ انت دعامة المجتمع وركيزته الاساسية ومستقبله المشرق والخليفة على الارض"

انظم الشاب الى الركب  ونظر الى كل واحد فيهم  على حده واشار الى السيد قائلا

ـــ" سيد منتصر علاّم انا الشاب مؤمن."..قاطعته ايفاء كعادتها متسرعة بالردّ

ـــ"كلنا مؤمنون يا أخ ولا دخل للايمان في قضيتنا لكل منا وجهة نظره السديدة ودافعه المقنع للانتحار ناهيك عن طول التجلّد"

ـــ آنستي أمهلوني لحظة لأعبر عن كينونتي وأثبت وجودي من حقي أن اقدم نفسي قبل الرحيل أن أترك بصمتي والتي بفضلكم حرمتموني اياها  قلت أنا "مؤمن شاكر" وهو اسمي وكنيتي  اضافة إلى كونه معتقدي ودليل انتمائي للإسلام أنا شاب معطّل عن العمل لمدة سبعة عشر عاما في حين غيري معطّلون فكريّا وجسديا ثم أخلاقيا وخلقيا يعتلون كراسي لا تناسبهم"  "

ـــ "حسنا دقيقة واحدة تفصلنا عن الرحيل أريد منكم الثبات  والاستغفار التام ورباطة الجأش  والايمان الكلي بأنّ هنالك  محطة أخرى سننزل بها دون تكاليف ولا ألم دون ممارسات اضطهادية  بعالم سيحتضن كل واحد منا برفق وأمان فقط تأكدّوا من حسن الختام كما اني أحذركم  من كون الاخفاق في هذه العملية له نتائج سلبية أهمها أن تقضي باقي حياتك البائسة بين جدران قاتمة وغرفة مظلمة وانت مذنب بحق نفسك وحق البشرية التي لن تكون أرحم من الخالق الذي لن يهبك فرصة أثمن من هذه مع أناس يجمعهم بك رابط اليأس وصلة الندم

ـــ" خطبة بتراء رائعة من سياسي متمكّن لقد أقنعتنا أكثر بالرحيل  شكرا لك هكذا رددت السيّدة صابرين

ـــ "على الرحب سيّدتي ألقاك في الجانب الآخر

اصطّف الجمع على حافة السكّة متمسكين برغبتهم ومتكاتلين لتنفيذ مخططهم، فيما ظهر من بعيد ضوء أبيض ساطع يقترب شيئا فشيئا يشق ظلمة النفق  مسرعا  لما الإستعجال أيها القطار ففي العجلة الندامة أفلا تدرك أيّها الموت أنّك تسلب منا أرواحا نحن بحاجة اليها أرواح بمقدورك أن تهبها فرصة النجاة، لتكفّر عن ذنوبها أو تحقق آمالها لكن عبثا قولي هذا  فالضوء اقترب أكثر، وقد حانت الساعة لا ريب فيها..

وفيما كانوا يقفون بعزم قال مؤمن

ــــ "غريب لأول مرة أرى ضوء القطار دون سماع صفيره المزعج

ــــ "قالت ايفاء التكنولوجيا عزيزي أمر مريع  وسرعة القطار تفوق الصوت هنيئا لنا بموت متطورلا مجال للألم بعده."

ثم انّها لأول مرّة تضحك

ــــ "حقيقة  أمر غريب ألم تلحظوا أنّ هذا الضوء يظهر ثم يختفي  لا يستقر؟ عادّة ضوء القاطرة يكون ساطع يملأ النفق ولا يتقطع"

ـــ "الأغرب انّه ضوء واحد ينبثق من وسط العتمة خلافا لضوء القطار الثلاثي ترى هل هو القطار فعلا؟  انّه منتصف الليل والنصف. وقت قدومه

ـــ وفيما هم في آرائهم مختلفون وأفكارهم يتناقشون ويحللّون ويدحضون في هذا الضوء العجيب اقترب الضوء وصدر منه صوت   لم يكن صوت الصافرة طبعا انّما هو صوت حارس المحطة يوبخهم من بعيد حيث تمكن من رؤيتهم لكونه في الظلام خفي الملامح أمّا هم ففي النور حجب عنهم رؤيته ولم يتمكنوا الا من سماع صراخه

ــــ"يا أيّها المجانين ابتعدوا عن السكة تنحوا جانبا أترغبون أن تهلكوا ما بالكم

ـــ علا صوت الممرضة  بقولها " هذا هو المطلوب أيها النبيه "

ــــ "قال الحارس بعد ان اقترب منهم جميعا وأطفأ الكشّاف   اذا هذه الليلة ليست بليلة  حظّكم يا جماعة ثم طفق يضحك

ـــ نطق الجميع " ضوء كشّاف وأين القطار

ـــ لو كنت مكانكم لأسرعت الى المحطة رقم 17 حيث اتّجه القطار حاليا إلى هناك نظرا لكون هذا الخط من السكة معطل للإصلاحات، لذلك لا يوجد ركاب غيركم " ثم أكمل سيره عبر النفق  وهو يضحك ويردد "لا حول ولا قوة الا بالله "

حّدق الجمع إلى بعضهم بتعجب ثم ضحكوا  معا بصوت عال

صمتت الممرضة لبرهة ثم قالت " أظّنني سأغير طريقة انتحاري فلا شئ يجدي هنا "

"ـــ اذن خذيني معك"

"ـــ لم قد أفعل هل احتاج الى معاونة او مشجعة"

ـــ "لا بل قد تحتاجين الى من يتجرع معك نفس الكأس من السم "

ـــ "فكرة مقبولة أحسنت سآخذك

ـــ  وأنا ماذا عني لا يوجد عندي سم ولا حبل ولا أقوى على طعن نفسي

ـــ "جيدّ عندي خطّة للجميع  ترضي كل الأذواق

ـــ" هيا أخبرنا يا صاحب السعادة أيها الفذّ

ـــ"أرى أن تتجمعوا كلكم وسط الطريق واسرع أنا بالقيادة  ثم أدهسكم دفعة واحدة

ـــ"  هكذا تصبح جريمة وليست انتحار" وما ذا عنك ؟ من سيقتلك؟ وكيف ستنتحر؟

ـــ "جريمة او انتحار فالغاية واحدة هي الموت أمّا عني  فأمري بسيط أنا املك مسدس في سيارتي وعدة طلقات  به أنتحر

ــــ قالت ايفاء "ولم اخترت القطار اذا كان لديك مسدس؟

ـــ "كنت متردد بعض الشئ لكنكم شجعتموني فالموت في مكان مفتوح يختلف عن الموت في مكان مغلق

ـــ  أردف مؤمن بقوله " تبا لك حتي  بالموت لا خيار لنا انتم من ترسمون أقدارنا ومن يضمن انك ستحيا بعد مقتلنا وتنجوا بفعلتك؟

ـــ "قالت الممرضة لم قد نختلف تعددت الاسباب والموت واحد  فكم عدد طلقات المسدس سيد منتصر"

ــــ" فقط ثلاث  طلقات"

ضحكت ايفاء وقالت" هذا لا يساعد ابّدا لعل الحارس كان محق انّها ليست بليلة حظّنا"

ــــ" بل هو كذلك ما رأيكم لو ذهبنا الي الجسر  وهناك نستطيع أن نرمي بانفسنا مع بعض"

ــــ " هل من أحد يتقن السباحة أنا عني كبير بالسن ولم اتعلم السباحة

ــــ ولا أنا" قالت ايفاء  ومعها صابرين

ــــ "اجاب مؤمن وهو ساخر منهم ماكان الجسر فوق نهر انما هو جسر لنهر جاف منذ سنين

ـــ" ماذا أتريدنا أن نتالم حتي بالموت كم أنت جاحد  ولا تفكر الا بنفسك

- "رجاء هدوء لا نريد مشاحنات ولا شجارات  فلنغادر الى السيّارة لعّلنا نجد حلا"

قالت الممرضة

ـــ" أخشى أن تهدأ روحي بتمهل  وتستسلم للامر الواقع وأعود لمعاناتي مع وليدي"

أجابتها ايفاء

- "أنا كذلك الآن منذ أن تحاورت معكم وشاركتكم احزانكم وضحكاتكم أحسست بنوع من الأمل بداخلي "

- قال مؤمن شاكر " صراحة منذ أن لمحتكم عرفت أن العملية بأكملها  فاشلة وأنتم قوم فاشلين لا فائدة ترجي منكم  ما زال بداخلكم قبس الحياة مشتعل  وبصيص من الأمل خفيّ أما عني فلا أحتاج الا فنجان قهوة تركي وسيجارة كوبية   يخففان عني حدّة الفشل الذي أصابني منكم ومن مجتمعي"

- رمقهم السيد منتصر علاّم بنظرة شفقة  وتأسف ثم ابتسم وقال في هدوء وثبات

-"ـ هيا يا معشر الحمقى   قذفتكم الاقدار بطريقي حتى تثبت لي أنّ هنالك أشخاصا يحتاجونني بالفكر والتجارب والمال تبا لكم فقد أحببتكم ..هيا استقلوا سيارتي سنتجه نحو فندق  الاحلام  نبيت الليلة فيه وغدا  سأري ما أنا فاعل "

- سار الجميع خارج المحطة  باتجاه السيارة السوداء الراكنة على حافة الرصيف  ثم عرج مؤمن على ايفاء وخاطبها بهمس

" اذا لم تمانعي أريد رقم هاتفك الجوال

رددت صابرين

- "فعلا هي ليست ليلة حظّنا بل  غدا  يوم حظناّ
| بقلم : جيهان دانيال، من تونس .


تعليقات