نهض باكرا كعادته وأزاح عنه اللحاف ثم استدار ليجدها تغفو بجانبه
سحبها من يدها واجلسها على الكرسي الخشبي رغما عنها وطفق يردد
ــ "هل عليّ في كل مرة ان اعلمك ان موعد تناول الفطور قريب يجب ان تتعودي على ذلك انهضي باكرا فموعد المدرسة قرب"
ثم ابتعد عنها الى حافة السرير حيث اخذ من فوقه مشطا صغيرا واتجه نحوها وهو يكمل تأففه قائلا
ـــ "كذلك امشّط شعرك وكأنّك طفلة صغيرة ..انت حقا تدركين ان امك تعمل طوال الليل ولن تعود قبل الساعة الثامنة صباحا فعملها مرهق حقا كطبيبة لذلك يتوجب عليك ان تعتني بنفسك منذ اليوم "
طفق يسرح لها شعرها الذهبي الناعم بعناية ثم شده الى الوراء على شكل ظفيرة فيما كانت هي مطأطأة راسها لا تجيبه فقد اختارت الصمت فهو على هذه الحال كل يوم لقد تعودت منه التذمر وما عساها تقول وهو يسرع في القول والفعل معا ها قد انتهي من تمشيط شعرها ثم جلب لها ميدعة وردية صغيرة تناسب سنها والبسها اياها ووجهه مشرق تعلوه الفرحة ردد
ــ "حقا انك تشبهين امك لكنك نسخة مصغرة منها لطالما احببت فيها شعرها الذهبي وعيناها العسليتين احببت فيها ضحكاتها ولطف طبعها وحلو منطقها واعتناءها بي وببيتها وبك لتجعل منك عروسا كل يوم.."
ثم صمت برهة وصرخ يبكي
"..لا ..لا.. لم.. انا ؟"
فجأة طرق باب الغرفة وصوت يردد من خلفه
ــ "الافطار سيد رامز .."
مسح رامز دموعه التى سرعان ما جفت وعدل من هندامه وتقدم نحو الباب يفتحه حيث حانت منه التفاتة الى الصغيرة قال
ــ" ألم أقل لك انه موعد الافطار؟ لقد تأخرنا هيا اعتدلي في جلستك وابتسمي "
فتح الباب.. ليلج الى الداخل رجل يحمل في يده صنية ويضعها فوق الطاولة مقابل الفتاة ثم يخرج مسرعا فيطبق رامز وراءه الباب بقوة
ــ رامز " لن اسمح لاي شخص ان يراك او يأخذك منى او يأخذ أمكّ"
جلس امام الطاولة المستديرة وبدأ يتناول فطوره ولم يكف البته عن الكلام
ــ"اعرف ان الطعم لا يروق لك لكن لا بأس حالما تعود امك ستصنع لك كعكتك المفضلة "
كانت المسكينة تحدق في الطعام دون ان تحرك ساكنا وحين انهي الاكل ازاح الكرسي الى الخلف بعد ان مسح شفتيه بمنديل ابيض
في الاثناء طرق الباب للمرة الثانية وفي هذه المرة كان الصوت من الخارج يردد
ــ "موعد اخذ الدواء سيد رامز والتنزه في الحديقة "
ــ رامز " حسنا اعلم ذلك ادخل "
دلف الرجل ويبدو من خلال هيئته انه ممرض يدفع عربة مليئة بالادوية وناول السيد رامز ثلاثة اقراص من الحبوب وكوبا من الماء واشار اليه قائلا
ــ "تستطيع الان الخروج"
استقام رامز واقفا ومدّ يده يعدل ربطة عنقه الخيالية وعدل في بدلته وردد بصوت المتفاخر الارستقراطي
ــ "سيد انور رجاء اصطحب صغيرتي الى المدرسة فأنا لدي اشغالي ومعاملاتي .." وغادر
التفت السيد أنور الى الصغيرة وقال وهو ينوى مغادرة الغرفة أيضا
ـــ " صدقا اخشي في نهاية المطاف أن تنطقي وتتكلمى رغما عنك أو أن أجن ....فان كان ذنبي انني اخترت الوظيفة الخطأ داخل مشفي الامراض العقلية فماهو ذنبك وانت دميه صغيرة لا روح فيها فقط تصغي لهلوسات مجنون"