« عرضت تحفتي على أشخاص راشدين ، و سألتهم ما إذا كان رسمي يخيفهم. أجابوني : و لماذا تخيفنا قبعة ؟! »
رواية الأمير الصغير للمؤلف أنطوان دو سانت إكزوبيري من روائع الأدب الفرنسي ، كيف لا و هي أكثر الروايات ترجمة في تاريخ الأدب العالمي ، حيث صنف الكتاب من أفضل خمسة كتب في القرن العشرين حسب تصنيف جريدة « لو موند » ، زيادة على ذلك ، تحتوي الرواية على الرسوم الأصلية للمؤلف و التي رسمها بنفسه. تبدو الرواية لأول وهلة كقصة أطفال ، خاصة مع الرسوم الطفولية على صفحاتها ، و لكن ما إن يستلمها القارئ حتى يتبين له أنها كتبت للكبير قبل الصغير ، خاصة و أنها تسخر من منطقية الراشدين. تبدأ أحداث القصة عندما يرسم بطلنا الصغير ذو الست سنوات أفعى تهضم فيلا ، ثم يقوم بعرض رسمته على مجموعة من الأشخاص ، لكن و للأسف ، فالرسمة بنظرهم ليست سوى قبعة ، مما يجعل بطلنا يصاب بالخذلان و يترك الرسم نهائيا متفرغا لدراسة الجغرافيا ، ليصير بعدها طيارا بارعا. في إحدى المرات تتعطل طائرته في وسط الصحراء ، و بينما هو منهمك يحاول إصلاح العطب ، فإذا بالأمير الصغير يقف عند رأسه و يلح عليه كي يرسم له خروفا. يخبر الأمير الصغير بطلنا أنه يعيش في كوكب صغير جدا ، و أنه غادره تاركا وراءه الوردة التي أحبها ، و يحكي له أيضا عن المغامرات التي عاشها قبل وصوله إلى كوكب الأرض ، و عن الكواكب التي زارها ، و كذا الأشخاص الذين يقطنون فيها ، و بالرغم من أن الرواية من نسج خيال الكاتب ، إلا أن الشخصيات التي التقاها الأمير الصغير في كل كوكب متواجدة حقيقة في واقعنا المعيشي ، و ربما يملك كل واحد منا صفة من صفاتها. عند وصوله لكوكب الأرض يقابل الأمير الصغير صديقه الثعلب ، ليقدم له هذا الأخير سرا عظيما و درسا إنسانيا قيما عن جوهر الأشياء.
ذكاء كاتب و أسلوب مميز هو كل ما احتاجه إكزوبيري ليسخر من الواقعية بكل رقة في كلمات جمعتها صفحات لا تتعدى المائة ، لكن و كما تعلمون ، ليس الخبر كالمعاينة.