::قرار مجنون من الرئيس
الجزائري لمعاكسة الملك محمد السادس
أرسل الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، رسالة
كتابية إلى رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، يوم الخميس الماضي، في ضوء التوتر
غير المعلن الذي يسود العلاقات بين الجانبين.
ولو كانت الظروف مختلفة وكانت الرسالة من
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون واردة في سياق غير الوضع الحالي، لكانت ربما قد
تمت بصورة عابرة. الا أن هذه الرسالة وصلت بعد عشرة أيام فقط من المراسلة التي قام
بها الملك محمد السادس لرئيس دولة الإمارات، وهذا يثير تساؤلات حول مدى التزام
الجزائر بتبني سياسات المغرب في السياق الخارجي.
حيث لا يمكن تجاوز الانطباع الذي يشير إلى أن
هناك تقليدًا جديدًا من الجزائر في تبني سياسات المغرب الخارجية، خاصة أن الأمر
تكرر مع قطر في الأيام الماضية، التي أعلنت توصلها برسالة تبون التي تلت رسالة
الملك محمد السادس، حيث كانت قطر قد اعربت عن استعدادها للوساطة بين البلدين الجارين.
وفي هذا السياق، يرى الدكتور خالد الشيات،
أستاذ العلاقات الدولية، أن الرسائل التي تم توجيهها من قبل جلالة الملك إلى
مجموعة من القادة الخليجيين تعبر عن اتجاهات طبيعية تستند إلى تقدير العلاقات بين
الجانبين. ويقوم الملك بتثمين العلاقات على مستوى التجاري والاستثماري والتعاون
الطبيعي بين الجانبين.
كما يشير إلى أن المغرب كان دائمًا قريبًا من
هذه الدول الخليجية، وقد تم تضمينه حتى في فترات سابقة ضمن مجموعة دول الخليج
الاقتصادية. وهذا يجعل العلاقات بين المغرب وهذه الدول شيئًا طبيعيًا ومتقدمًا
ويتضمن تعاونًا في مختلف المجالات.
وبهذا التحليل، يُشير الدكتور خالد الشيات إلى
السياق التاريخي والاقتصادي الذي يشكل أساسًا لهذه العلاقات ويُظهِر كيفية تطورها
على مر الزمن واستمرارها في تعزيز التعاون بين الدول المعنية.
ووأكد الدكتور خالد الشيات أنه من الطبيعي
أيضًا أن تتبادل الجزائر والدول الأخرى في المنطقة المراسلات والاتصالات، بهدف
تعزيز وتقوية العلاقات في مجموعة متنوعة من المجالات. ويُمكن للدول التواصل لتعزيز
التعاون الاقتصادي والاستثماري، وتبادل الخبرات في مجالات متعددة، وبناء علاقات
تعاونية تسهم في تطوير الاقتصادات وتعزيز التفاهم بين الدول.
وأشار إلى أهمية أن يكون للعلاقات العربية
توجهًا تعاونيًا قائمًا على التفاهم المتبادل والتعاون الاقتصادي والتجاري.
فالترابط بين الاقتصادات وتبادل الفوائد يسهمان في تعزيز العلاقات وتحقيق
الاستقرار والسلم في المنطقة.
وبهذا، يُظهِر الدكتور خالد الشيات أهمية
التفاعل بين الدول وتبادل الاتصالات والمراسلات، وذلك لبناء علاقات قوية ومستدامة
تعود بالفائدة على الجميع وتعزز من التعاون الاقتصادي والاستقرار في المنطقة.
لكن في المقابل اكد الخبير في العلاقات الدولية
إن الجوانب غير الاعتيادية تظهر عندما تكون المبادرات الجزائرية غالبًا ما تكون
استجابة لمبادرات أخرى أو تأتي بعدها، وفي هذا السياق تأتي بعد مبادرة المغرب، أو
لمعاكسة مبادرة المغرب، وما يمكن استنتاجه أيضا هو أن هذه الدول تنتمي لمجال حضاري
مشترك بين المغرب والجزائر، ولكن الجزائر كانت دائما في مراحل كثيرة تستخف بهذه
العلاقات، بل كانت تعتبر قادة هذه المناطق وهذه الدول هم متخلفون ورجعيون، وكانت
تعتبر هذه الدول نكسة في مسار تطور المنظومة العربية وغير ذلك”.
ويواصل الدكتور بالقول إن "الجزائر عندما
تختار الاقتراب من دول معينة، فإنها تفعل ذلك، ولكن هذه الدول الخليجية تدرك جيدًا
طبيعة الجزائر وما تمتلكه من تاريخ وخلفيات، وتدرك ما هي المستويات التي يمكن أن
تصل إليها هذه العلاقات وأين يمكن أن تكون نقاط التوافق والتباين"، حيث يعكس
هذا وعي الدول الخليجية بالوضع التاريخي والسياسي للجزائر، ويُظهِر أيضًا كيف أن
هذه الدول تمتلك رؤية متوازنة للعلاقات مع الجزائر والاهداف الحقيقية وراء تحركات
النظام العسكري.
وفي استنتاجه، يؤكد الدكتور خالد الشيات أن
الجزائر ستظل محط اهتمام هذه الدول الخليجية، ولكنها ستبقى دولة تختلف في النظام
الحكومي والعسكري، وهذا يؤثر على طبيعة العلاقات التي يمكن أن تكون معها. ويُشير
إلى أن هناك عوامل ثقافية وحضارية أخرى تؤثر في العلاقات، والتي تجعل العلاقات مع
الجزائر تكون على مستوى أقل من تلك التي يمكن أن تكون مع المغرب.
وبهذا، يُلقي الضوء على أهمية العوامل المتعددة
التي تتشكل في العلاقات الدولية، مثل النظام السياسي والحضاري والتاريخ، وكيف يمكن
لهذه العوامل أن تؤثر في طبيعة ومستوى التعاون بين الدول. كما يشير هذا إلى أن
المغرب يتمتع بتاريخ وجذور وعلاقات مستدامة مع العديد من الدول، مما يمكن أن يسهم
في تطوير علاقات متينة ومستقرة معها.
هذا وتلخص الرسائل الدبلوماسية والمراسلات
الأخيرة بين الرئيس الجزائري وقادة دول الإمارات وقطر، تفاوتًا في النهج والتوجهات
الخارجية للدول المعنية. كما يظهر أن الجزائر تتبع نهجًا متغيرًا بين الاقتراب
والبعد من دول معينة وفقًا للظروف والتحديات الراهنة. وهذا يعكس التوازن الهش بين
السياسات والمصالح الوطنية المتنوعة.
ومن الجدير بالذكر أن العلاقات الدولية تعتمد
على تفاعل متعدد الأبعاد، حيث يلعب النظام السياسي والحضاري والتاريخ دورًا مهمًا
في تحديد اتجاهات العلاقات. وتعكس هذه العوامل التنوع والغنى في المشهد الدولي
وتظهر كيف يمكن للدول تبني توجهاتها الخارجية بناءً على خصوصياتها ومصالحها.
وبهذا، يواصل الدكتور خالد الشيات تسليط الضوء
على تعقيدات العلاقات الدولية وكيف يمكن للدول تحقيق التوازن والتعاون في ظل هذه
التحديات. كما يؤكد على ضرورة تعزيز التواصل والتفاهم بين الدول وتبادل الآراء
والمعلومات من أجل تطوير علاقات قائمة على الاحترام والتعاون.